بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين ، ولاعدوان إلاّ علي الظالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله ، صلي الله عليه وسلم، أما وبعد:
فلا تزال جريدة اليوم السابع علي إصرارها الشديد ورغبتها في تشويه صورتي وتحريف عقيدتي ، وإظهاري أمام عامة الناس بمذهب التكفير القطبيّ الذي لطالما حاربته وأظهرت زيفه وضلاله وانحرافه عن منهج أهل السنة والجماعة المستقيم القويم الوسطي العدل ، ولازلت إلي يوم الناس هذا أحارب منهج التكفير السبب في كل إرهاب وتفجير.
فلما كتب الصحفي إسماعيل رفعت مقالته الأولي وتعمد إظهاري أمام الناس كرأس في منهج التكفير وافتري عليّ افتراء عظيماً رددت عليه في بيان في عشر صفحات وأرسلته إليه وقرأه وقال : لقد ردّ الدكتور عيد الكيال علي كل شيء في مقالتي ، ثم بعد ذلك رفض نشره في الجريدة خوفاً حتي لا يظهر الحق ويعلم الناس افتراءه عليّ ، فقدّمت شكوي إلي نقيب الصحفيين ، ثم إلى المجلس الأعلى للإعلام ، بأن الجريدة منعتني من حقي القانوني في إظهار براءتي ، ولم تُتح لي حق الرد في نفس الجريدة التي وصفتني وادّعت عليّ بما أنا منه برئ ، ثم فوجئت بالجريدة أنها أعادت نفس المقال وذكرت في آخره ثلاثة سطور من البيان الذي أرسلته إليهم في عشر صفحات ، فلما صعّدت الشكوى ضد الجريدة نشروا البيان كله نشراً صورياً لا قيمة له حتي يتخلصوا من المساءلة القانونية ، ووجه هذا النشر :أن الصحفي نشر مقالة ثالثة أتي فيها أولاً ببعض ما دافعت به عن نفسي وبياني أني حاربت التكفير في جملة من كتبي وذكر بعض هذه الكتب وتعمّد إخفاء ما ذكرته في كتابي (( نقض الشبه النيجيرية )) الذي ذكرت فيه ص(58) أني أقول بإيمان رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم ، بما يرد ما أجملته في كتابي (( الدليل المختار )) . ثم أعاد ما قاله في المقالتين السابقتين بلا زيادة ، مع أصرار منه علي نسبة القول بتكفير الانبياء قبل البعثة ، وقد بينت القول مفصّلاً في البيان المذكور الذي قرأه الصحفي .
ومن جملة ما اتهمني في مقالاته أني أقول بقول سيد قطب قطب الضلال كما أسميه دائما في كتبي ، في تكفير ديار المسلمين ، وقد بيّنت في البيان المذكور أني لم أقل ذلك البتة وأن الصحفي افترى علي وقوّلني ما لم أقله ، ثم أصر في مقاله الثالث بأني أقول هذا القول في كتابي : الدليل المختار ، ص (46) .
وحاصل هذه الفرية أنه أخذ كلاماً نقلته عن شيخ الإسلام ابن تيمية من كتابه ” اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم “(1/254_259 ) يتكلم فيه عن معنى الجهل البسيط والجهل المركب بمسائل الشريعة ، فذكرت ذلك في كتابي ” الدليل المختار ” ص (44 ) إلي ص (46 ).
والكتاب مرفوع علي الموقع واقرأوا ذلك فيه حتي تعلموا البهتان الذي يصرّ عليه هذا الصحفي حتى قال شيخ الاسلام ابن تيمية :”فلا جاهلية بعد مبعث محمد صلى الله عليه وسلم ، فإنه لا تزال من أمته طائفة ظاهرين على الحق إلى قيام الساعة والجاهلية المقيّدة قد تقوم في بعض ديار المسلمين وفى كثير من الأشخاص المسلمين كما قال صلى الله عليه وسلم : (أربع في أمتى من أمر الجاهلية) وقال لأبى ذر : (إنك امرؤ فيك جاهلية ) ونحو ذلك ” اهـ.
فعمد ذلك الصحفي إلى هذا الكلام وحرّفه عن مواضعه كما فعلت بنو إسرائيل في التوراة فحذف كلمات عن تعمد وافتراء وخيانة لأمانة النقل وميثاق الأمانة الذي أقسم عليه الصحفيّون ، وأمانة الكلمة ، فأتى إلى قولي في الكتاب ص ( 46 ) وهو : (والجاهلية المقيدة قد تقوم في بعض ديار المسلمين وفي كثير من الأشخاص المسلمين ) فحذف الكلام المهم الذي كان قبل هذه الجملة ومتصل به والذي بعده ايضا وفصل الكلام عن سياقه الذي يبين المراد منه ، ليوهم القرَّاء أنى أقول بقول سيد قطب ، وهذا غش واضح مقصود لتشويه عقيدتي وإثارة الجهات المعنية عليّ وهذا كاف في رفع قضية جنائية علي هذا الصحفي .
والمراد بالجاهلية المقيدة علي ضوء وسياق الكلام : الجهل ببعض مسائل الشريعة ويدل علي ذلك الحديث المذكور عند مسلم في صحيحه رقم (934 ) : ( أربع من أمتي من أمر الجاهلية لا يتركوهن : الفخر في الأحساب ، والطعن في الأنساب ، والاستسقاء بالنجوم ، والنياحة ) والمعني كما قال المفسرون والشرّاح : أن هذه الأمور الأربعة المذكورة كانت عند الناس قبل البعثة ، ثم لما دخل الناس في الإسلام فلا تزال هذه الأمور مصاحبة لبعض الناس مع إسلامهم وهي موجودة في الكثير من المسلمين في كل مكان إلي يوم الناس هذا وهي كبائر ومعاصي وصفها النبي صلي الله عليه وسلم من أمر الجاهلية لأنها كانت قبل البعثة متفشية جداً ثم قلّت بعد البعثة ولم تنعدم فحذّر منها النبي صلي الله عليه وسلم ، هذا كل ما في الأمر لمن تجرد للحق وتنزه عن التصيد واتهام الناس بغير حق ولذلك قال النبي صلي الله عليه وسلم لأبي ذر إنك امرؤ فيك جاهلية ومعني ذلك ان فيك خصلة مما كان موجوداً قبل البعثة من أمور الجاهلية وهذا لا يعني قطعاً إنك امرؤ كافر علي ما فهمه هذا الصحفي أو أراد إيهامه للناس لأنه لم يفهم أحد من هذا الحديث إلا ذلك وإلا فقد اتهم الصحفي النبي صلي الله عليه وسلم بتكفير أبي ذر رضي الله عنه وهذه مصيبة عظمى في عقيدة هذا الصحفي .وقد بينت في بياني الأول أني ما ذكرت قول بعض المفسرين الكبار في تكفير بعض الأنبياء قبل البعثة ولم أذكر إلا لوطاً وشعيباً ، أني ما ذكرت هذا القول إلا للاستعراض للأقوال إمعاناً في ردّ مقولة من أراد قفل باب التوبة على التائبين ، ولولا التصيد وإرادة إحداث الفتنة والبلبلة والاضطراب ما حدث الذي حدث ، فإني لم أقل بهذا القول ابتداء وقد بينت في دروسي ذلك قبل مسألة التحقيق في وزارة الاوقاف التي أراد الصحفي إيهام الناس بها وإنما ذكرت عنوان ( الأدلة علي كفر الأنبياء ) لبيان وجه الدلالة علي هذا القول فحسب وممّا يؤكد نيّة الكاتب لهذه المقالة في الإضرار بي وتشويه عقيدتي وصورتي في المجتمع : أنه تكلم في مقالته الأخيرة هذه بسياق لا يدل ولا يشير ولا يلمّح إلي أنه سوف ينشر ردّي ، حتي لما انتهي من مقالته تعمّد ترك بياض بعد المقالة ليؤكد انتهاء الكلام ، ثم بعدها عرض بياني الكبير من غير عنوان ولا إشارة حتي يظهر للناس أنه منفصل عن المقالة فلا يُقرأ وهذا الذي حدث ، وقد قال تعالي (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) وقال : (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) وقال : (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ) وقال : (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ۗ ) .
وبالله وحده التوفيق والسداد والرشاد، والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل .
كــــــتــــبـــــــه
د / عيد بن أبي السعود الكيال
الاثنين : 10 من ذي القعدة 1439هـ الموافق : 23 من يوليو 2018 م