بُشْرىٰ لطَلَبة عِلْم أصول الفقه
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده، صلى الله عليه وسلم، أما بعد:
فهذا بحول الله وقوَّته والذي لا تتم الصالحات إلَّا به سبحانه، هو الجزء الحادي عشر من سلسلة الأبحاث الفقهية الأصولية السلفية، والمسمَّى بكتاب: «صحيح مختصر التحبير في فقه الكافي لابن قدامة المقدسي الخير»، وهو كتاب مختصر من كتاب الإمام الفقيه الأصولي أبي محمد بن قدامة، صاحب كتاب «المغني»، وهو من أجل كتب الإسلام في الفقه المقارن سعةً وشمولًا وأشهرهم في هذا الباب، وقد نبَّه على منزلته ومكانته عامة العلماء.
ثم كان كتابه الذي بعده في المنزلة والدرجة وهو «الكافي» في أربعة مجلدات اختصره من «المغني» الذي هو عشرة مجلدات، فجمع فيه زبدة «المغني»، وأقامه على الدليل والتعليل، والنقل والعقل، فكان جامعًا فقهيًّا قرَّب به علم الفقه؛ حتى يكون «الكافي» وسطًا بين كتبه، وتسهيلًا لهذا العلم الجليل.
ثم إن هذا الكتاب قد اختصره بعض الحنابلة بين النظم والمتن الفقهي الصغير، حتى كُتب في مجلد واحد، غير أنه ذُكر في تراجم كتب الحنابلة ولم يُطبع منه شيء ولم نَرَ مخطوطاته، مع أهمية هذا الاختصار لتسهيل علم الفقه على طلبته، فلما علمت أن ذلك لم يقم به أحد، فعمدت بحول الله وقوته إلى اختصار الكافي في مجلد واحد؛ خدمة للعلم ونصيحة لأبنائنا وإخواننا، وقد أقمته بفضل لله على منهجية ذكرتها في مقدمة الكتاب، ملخَّصها في أمور:
(1) جعل خلاصة المجلدات الأربعة في مجلد واحد من غير إخلال في بِنْيَةِ الكتاب، وحذف ما لا يؤثر على مراده ومضمونه من الفصول والتفريعات الفقهية الزائدة.
(2) حذف الأدلة من الأحاديث الضعيفة والاكتفاء بالصحيح منها وتخريج ذلك وبيانه مفصَّلًا بالتصحيح الحديثي لأئمة السُّنة.
(3) بيان المفردات اللغوية والفقهية وإيضاحها إكمالًا للفهم والتصور الصحيح.
(4) جعل هذا المختصر قائمًا على الدليل الصحيح بعيدًا عن المذهبية الفقهية؛ إذ هذا هو الغاية في تصفية الأحكام التكليفية على الكتاب والسُّنة والإجماع والأدلة المعتبرة.
(5) نسج جملة من القواعد الأصولية المتعلقة بالفروع الفقهية على حسب الحالة.
(6) التعليق على بعض مسائل الكتاب الفقهية والإدلاء بها لبيان الراجح من المرجوح.
(7) حذف بعض مسائل الكتاب التي تخالف الأدلة وهي قليلة.
وإني لأرجو الله العليم الحكيم أن يتقبل مني هذا الجهد، ويصلح نيَّتي لله وحده، وأن يبارك في هذا المختصر وصاحبه وأن ينفع به، في «يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ» [الشعراء: 88-89]، والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل، والحمد لله أولًا وآخرًا وظاهرًا وباطنًا.
كتبه صاحب المختصر
د. عيد بن أبي السعود الكيال